العمارة الإسلامية
لقد كانت العمارة الإسلامية عمارة رائعة تتميز بالجمال والتناغم والإبداع. ولا تزال تلك الآثار الباقية حتى يومنا هذا تتألق وتتألق، لتبرز قوة وروعة الحضارة الإسلامية. وفي العديد من دول العالم، تظل تلك الآثار شاهدة لا لبس فيها على تلك العمارة: العمارة الأموية، والعمارة العباسية، والعمارة الأندلسية، والعمارة في أراضي البربر، والعمارة العثمانية.
بعد العمارة العثمانية، شهدت العمارة الإسلامية تراجعا غير مسبوق. دخل المهندسون المعماريون في متاهات مظلمة، حيث تركوا وراءهم تراث أجدادهم، وهو ما لم يلزمهم بأن يحذوا حذوهم، بل استطاعوا تطويره وجعله أكثر ملاءمة لهم. واتجهوا نحو العمارة الحديثة التي لم يستطيعوا إتقانها أو إتقانها. حتى يفهموا ذلك.
المهندس حسن فتحي
ووسط كل هذا برز لنا مهندس معماري لا يمكن وصفه إلا بالأسطورة، رجل تفوق على مواطنيه وتحدى أشهر المهندسين في العالم بهندسته المعمارية التقليدية البسيطة في وقت لم يكن فيه العالم إلا يتعرف على المباني الشاهقة والأشكال الهندسية الغريبة والمقوسة. وهو أول مهندس معماري عربي وثاني مهندس معماري مسلم يصل… إلى العالم بعد المهندس المعماري سنان العثماني.
* ولادته ونشأته:
ولد المهندس المعماري الشهير حسن فتحي في 23 مارس 1900م في مدينة الإسكندرية بمصر لعائلة مصرية ثرية. وفي سن الثامنة انتقل مع أسرته للعيش في حي حلوان بالقاهرة. عاش طوال حياته في منزل بمنطقة درب التبانة بحي القلعة بالقاهرة.
عندما زار الشاب حسن فتحي الريف لأول مرة عندما كان عمره 18 عامًا، تأثر كثيرًا بالوضع البائس والسيء الذي كان يعيشه سكان الريف، وكان يريد مساعدتهم، فهو الذي يعيش في منطقة ثرية. عائلة. لقد شعر بهم وأحس بألمهم.
ولذلك حاول الالتحاق بكلية الزراعة لكنه لم ينجح في امتحان القبول، فتوجه إلى كلية الهندسة وهو لا يعلم أنها ستفتح له أبواباً لمساعدة سكان الريف وأبواباً أخرى نحو الأممية.
*البداية…والشاب يصعد الهرم بسرعة:
بداية الشاب كانت عندما التحق بمدرسة المهندس خانا ليحصل على دبلوم في الهندسة المعمارية عام 1926م. وفي نفس العام تم تعيينه مهندساً معمارياً في المجالس البلدية، وفي عام 1930م أصبح مدرساً في كلية الفنون الجميلة، وفي عام 1949م أصبح رئيساً لإدارة المباني المدرسية بوزارة التربية والتعليم حتى عام 1952م. وفي نفس العام عملت تايم كخبير لدى منظمة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين.
في عام 1957م، غادر حسن فتحي مصر بسبب المشاكل والقيود التي كانت تواجهه، ليتوجه إلى اليونان، ليعمل خبيرًا في مؤسسة “دوكسياريس” للتصميم والبناء في أثينا ومحاضرًا في معهد أثينا للتكنولوجيا حتى عام 1962. م، وعاد بعدها إلى مصر وواصل العمل في عدة مشاريع وشغل عدة مناصب مهمة. .
*مشاريع وأعمال حسن فتحي:
للمعماري حسن فتحي أكثر من 90 مشروعًا في عدة دول حول العالم، منها:
- فيلا جارفيس بالقاهرة، مصر.
- قرية القرنة الجديدة، القرنة، مصر.
- مسجد في البنجاب، الهند.
- مصنع الطوب في القدس، فلسطين.
- جامعة الجزائر، الجزائر.
- كار هاوس، اليونان.
- منزل ناصيف في السعودية.
- منزل ألفا بيانكا، إسبانيا.
- مسجد روكسبري، بوسطن، الولايات المتحدة الأمريكية.
- إعادة تخطيط مدينة صحار في سلطنة عمان.
*مشاركات وكتب حسن فتحي:
ألف حسن فتحي كتاب “عمارة الفقراء” وهو من أشهر الكتب التي ألفها. تمت كتابته في الأصل باللغة الإنجليزية ثم ترجم إلى عدة لغات في العالم. وقد تمت دراسة ومناقشة هذا الكتاب من قبل العديد من المتخصصين، منهم الأستاذ الدكتور هشام جريشة في كتابه “الفقراء في العمارة”. كما ألف حسن فتحي كتابا آخر بعنوان “العمارة والبيئة” وكتابا آخر بعنوان “الطاقة الطبيعية والعمارة التقليدية”.
كما ألف كتابين آخرين هما قصة “البلد المثالي” و”قصة المشربية”. وله أيضًا العديد من الأبحاث والدراسات المنشورة في مجال الهندسة المعمارية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.
إقرأ أيضاً:
* الصعوبات التي واجهها حسن فتحي :
تعرض حسن فتحي للبيروقراطية والمضايقات وتدخل المسؤولين في شئون العمارة، وهو الأمر الذي لم يجيدوه. لقد رأى بأم عينيه الفساد وانعدام الضمير، حتى أنهم اتهموه بإهدار الأموال وتبذيرها، في وقت كان يعاني ويناضل من أجل حصول العمال على أموالهم ورواتبهم الشهرية.
يقول الأستاذ الدكتور هشام جريشة: “الحزن واضح لدى الرائد حسن فتحي. المزاج في مصر غالباً ما يسير ضد كل مبتكر في معظم المجالات.. ويتضح جداً لقلب كل عاقل أن طريق حسن فتحي لم يكن مفروشاً بالورود”.
*وفاة حسن فتحي:
توفي حسن فتحي عن عمر يناهز 89 عامًا، في 30 نوفمبر 1989، في القاهرة، مصر.
*وقالوا عنه:
– الاتحاد الدولي للهندسة الإنشائية 1987: “أفضل مهندس إنشائي في العالم”.
-ريفيور أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة أريزونا: «التنقيبات المعرفية بعد ألف عام، أي في عام 2900م، عندما يبحثون في «القرنة» سيجدون تنقيباتها أهم من مدن نيودلهي». يورك وباريس. ولو تم تنفيذ مشروع القرنة في نيويورك أو لندن أو باريس لحظى بالتقدير المناسب له. أما بالنسبة لمصر… لا».
– دوفينيك شوفالييه، مفكر فرنسي: “حسن فتحي مشروع مصالحة بين السلام والبيئة لصالح الإنسانية. هكذا فهمت الأمر. كما فهمت أن مجاله الخاص عربي، وأن جهلنا به وعدم الاستفادة منه كارثة حقيقية على الأمة العربية”.
**خاتمة:
المهندس المعماري ليس مجرد شخص يجلس على كرسيه ويمسك بقلمه، ويرسم على الورق، ويحاول أن يبهر العالم بتصميمه. الجميع يعرف أشهر لاعبي كرة القدم، وأشهر الأطباء، وأشهر السياسيين، والعسكريين، وأشهر الممثلين. فالمهندسون المعماريون هم الذين صمموا تلك الملاعب المبهرة، والمستشفيات العملاقة، ومقرات الاجتماعات السياسية الفريدة، والثكنات العسكرية المحصنة.
المهندس المعماري هو أولاً وقبل كل شيء إنسان، ومؤرخ، وفيلسوف، وتقني، وكاتب، وعالم اجتماع. قبل أن نتمكن من التميز في الهندسة المعمارية، علينا أولاً أن نفهمها، ونفهم المعماريين، ولا نستطيع أن نفهمها إذا قمنا بتهميشهم ومواجهتهم بالعقبات. العقبات التي استطاع حسن فتحي التغلب عليها وتحقيق حلمه، وبحلمه أحلام الكثير من المعماريين العرب والمسلمين الذين يعانون في بلدانهم.
إقرأ أيضاً:
المراجع:
كتاب “عمارة الفقراء” لحسن فتحي. كتاب “عمارة الفقراء” لهشام جريشة.
شاهد أيضاً..