الناس مختلفون في كل شيء؛ خصائصهم ومعتقداتهم وأذواقهم وأشياء أخرى. تبدأ مشاكلنا معهم عندما نريدهم جميعًا أن يكونوا نسخة مكررة من شخصيتنا. لكن الحياة لن تكون سعيدة دون أن تتوج بدرجة من التسامح حتى تستمر العلاقات. ورغم أن هذا التسامح مطلوب في العلاقات الإنسانية بشكل عام، إلا أنه ضروري في العلاقة بين الزوجين.
الزواج هو شراكة يتفق عليها شخصان وهما على علم تام بمدى اختلافهما في العادات والسلوكيات، الأمر الذي قد يصعب على أحدهما التخلي عن تلك العادات من أجل التشبه بالآخر، فالحل هنا هو ليقرر كل منهما تجاهل العيوب التي يراها في الطرف الآخر. يعرف الكثير من الناس الحب بأنه معرفة عيوب من تحب وتقبلها والموافقة على العيش معه، وليس مجرد الإعجاب بملامحه. الاختبار الحقيقي لعمق العلاقة بين الزوجين يكمن عندما تكون الحياة مستقرة، بغض النظر عما إذا كان أحد طرفي العلاقة يتعرض لفترة من الضغوط النفسية أو العملية أو غيرها.
ما هو فن التسامح؟
المغفرة هي نوع من التسوية التي يقبل فيها الإنسان شيئًا له جانب سلبي بالنسبة له من أجل الحفاظ على شيء ذي قيمة أكبر. وقد يضحي الإنسان بجزء من أفكاره وآرائه من أجل راحة شخص آخر يحبه. من أجل البقاء والحفاظ على هذا الحب. وهذا التنازل ليس فقط لأن الشخص يعتقد أنه يجب أن تكون هناك مساواة بين الجميع، ولكن لأننا نحب هذا الشخص كثيرا. نحن نصبح أكثر سعادة كلما كان الشخص أكثر سعادة، حتى لو كان ذلك على حساب أفكارنا ومعتقداتنا.
كيف يكون التسامح بين الزوجين؟
إن فن التسامح بين الزوجين لا يعني أن تتجاهلي دائماً ما يفعله شريكك، فهذا أمر مثالي لا يمكن للإنسان أن يتحمله. ولكن هناك أوقات يحتاج فيها المرء إلى المرونة والمرونة، خاصة إذا كان موضوع الجدال لا يتعلق بضروريات الحياة. ويسميه البعض فن اختيار المعارك. عندما تتجاوز الخلافات بين الزوجين الحد المقبول، يصبح من الصعب أن تستمر العلاقة لفترة طويلة.
في الحياة الزوجية، يمر الإنسان بالعديد من المواقف التي لا يكون فيها التوافق بينه وبين شريكته. قد يجعلها تشعر بالغضب والانزعاج لفترة من الوقت. ولكن هنا يجب أن تتذكر أن الجميع يرتكبون أخطاء. إذا كنت لا تستطيع تحمل أخطاء شريكك وترغب في تجاهلها ومسامحتها. أنت لم تنضج بعد إلى مرحلة الزواج.
إقرأ أيضاً:
مفهوم مقياس التسامح
ويقول مستشار إدارة العلاقات خوان سانتوس إن كل زوج لديه مستوى محدد من التسامح تجاه الطرف الآخر. وهذا المستوى قد ينخفض أو يزيد حسب الضغوط والمشاكل التي تتعرض لها والتي قد تؤثر فعلياً على طريقة تعاملك مع الطرف الآخر. ولتوضيح الأمر أكثر قام بتطوير ما يعرف بمقياس التسامح، والذي ينقسم إلى قسمين:
- المستوى المنخفض: هذا المستوى يعني أن لديك قدرة أقل على تحمل شريك حياتك. قد تتحمس بسهولة أو تنزعج من أشياء تافهة. تشعر أن العلاقة تستهلك مع زيادة الحجج والخلافات.
- المستوى العالي: هذا المستوى يعني أن لديك القدرة على التحمل كثيراً مع الشريك. أنت قادر على التفكير بهدوء ومحاولة إيجاد حلول للخلافات، دون التصرف بطريقة تؤذي مشاعر الطرف الآخر. وتتفهم موقفه ورأيه في موضوع الخلاف.
يوضح سانتوس أن الغرض من هذا المقياس هو أن يتعلم الأزواج باستمرار عن قدرة بعضهم البعض على تحمل بعضهم البعض. ويساهم في التعرف على أسباب هذا التراجع وإيجاد الحلول لها. وكذلك البحث عن طرق المحافظة على مؤشر التسامح والتسامح بينهما إذا كان مرتفعاً.
إقرأ أيضاً:
كيف يجعلنا التسامح سادة الحب؟
وفي دراسة أجراها أستاذ علم النفس الأمريكي جون جوتمان، وجد أن أكثر من 60% من المشاكل الزوجية هي مشاكل دائمة وغير قابلة للحل. ومن غير المرجح أن يتغير الأمر كثيرًا بمرور الوقت، فحتى بعد مرور 10 سنوات ستظل هذه المشكلات موجودة، ولكنها قد تكون أقل حدة. ووجد أن الأزواج الذين يتمتعون بحياة أكثر استقرارًا وسلامًا داخليًا أكبر، والذين أشار إليهم بـ “أسياد الحب”، هم الذين استخدموا التسامح والمرح والفكاهة لإدارة خلافاتهم المستمرة.
إقرأ أيضاً:
كيف نتعامل مع المشاكل طويلة الأمد؟
وللتعامل بشكل جيد مع هذه المشاكل طويلة الأمد، هناك عدة نصائح تساعد في التعامل مع هذا النوع من المشاكل، وهي كما يلي:
- إدراك أنه عندما تكون المشاكل التي لم يتم حلها هي في الواقع مشاكل طويلة الأمد. هناك دائما خيار لإنهاء العلاقة. لكن يجب أن تدركي أن أي علاقة يجب أن تمر بالكثير من الصعوبات وعليك التعامل معها.
- التمييز بين المشاكل التي ليس لها حل وتلك المرتبطة بموقف لمرة واحدة. إن فهم أن ما قد يكون مشاكل طويلة الأمد لبعض المتزوجين قد يكون مشاكل بسيطة للآخرين. فالأمر هنا نسبي ويعتمد على ثقافات واهتمامات الطرفين في العلاقة الزوجية.
- من الضروري فحص وتقييم مفهومك للعلاقة الزوجية. إذا كنت ممن يعتقدون أن الزواج علاقة ستكون مستقرة طوال الوقت، وأنها علاقة وردية على طول الخط، فأنت هنا تعرض نفسك للشعور بخيبة الأمل والإحباط عند أول مشكلة تواجهك. سوف تواجه مع شريك حياتك. يجب أن تغيري مفهومك عن الزواج وأن له جوانب إيجابية وسلبية.
- طلب المشورة من المختصين في إدارة العلاقات الزوجية، سواء قبل الزواج أو بعده. يمكن أن تساعد الاستشارة الزوجين على تعلم كيفية إدارة خلافاتهما، وطرق تطبيق فن التسامح في مختلف المشكلات حتى تستمر الحياة.
إقرأ أيضاً:
وفي النهاية، يجب على كل إنسان أن يدرك أن الاختلاف هو قاعدة الحياة. ليس من الضروري أن يتفق مع شريكة حياته في كل الأمور. في بعض الأحيان يكون الاختلاف في الأفكار والسلوك والعادات من الطرق التي تضفي على الحياة نكهة خاصة. المشاكل التي تواجه العلاقة بين الزوجين هي فرصة ليثبت كل منهما للآخر أنه يحبه أكثر من خلال تجاهل بعض الأمور. التسامح بين الزوجين أساس مهم جداً لزيادة المحبة بين الزوجين.
المراجع:ممارسة التسامح في علاقتك
شاهد أيضاً..