لمحة تاريخية عن الإسكندرية
- تعتبر مدينة الإسكندرية من المدن القديمة تاريخياً. أسسها في الفترة (331 – 332) قبل الميلاد، على يد الإسكندر الأكبر، وسميت بالإسكندرية نسبةً إليه، حيث كانت عاصمة مصر في ذلك الزمن البعيد.
- وما يؤكد أهميتها الإستراتيجية هو بناء منارة أو منارة الإسكندرية منذ عام 280 قبل الميلاد، في عهد الملك بطليموس الثاني، والتي كان ارتفاعها 120 مترًا، والتي تعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع الشهيرة، والتي كانت دمرت نتيجة زلزال عام 1323 م.
- ونظرًا لأهمية الإسكندرية، تقاتلت عليها جميع الإمبراطوريات عبر التاريخ، وأهمها الرومان، والبيزنطيين، والفرس، حتى تم فتح الإسكندرية إسلاميًا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وعلى يد الخليفة عمر بن الخطاب. القائد العام عمرو بن العاص وقائد الجيش عبادة بن الصامت، في 17 سبتمبر 642 م.
إقرأ أيضاً:
أهم العوامل التي ساعدت على فتح الإسكندرية
وحتى نتمكن من فهم ظروف فتح الإسكندرية لا بد من استعراض مجموعة من العوامل التي ساهمت في فتح الإسكندرية وهي:
1-قوة الخلافة الإسلامية
وحيث أنه عندما تولى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الخلافة، فمن المعروف أنه كان يتمتع بشخصية وجاذبية قوية للغاية، وانتشرت الفتوحات الإسلامية في عهده، وكانت الجيوش الإسلامية في حالة قوة وقوة. هيبة، كما أن متابعة عمر بن الخطاب لجيوشه تدل على تكامل العلاقة بين القيادة في عاصمة الخلافة وبين الجيوش المنتشرة خارج البلاد مما يدعمها ويقويها. عليه ويرفع معنوياته. ومن أهم هذه الجيوش هو الذي توجه لفتح مصر في بداية عام 640م. وصلت الجيوش الإسلامية بقيادة عمرو بن العاص إلى قلب الدلتا المصرية في مارس 640م.
2- الروح المعنوية العالية والطاقة الروحية الإيجابية للجيش الإسلامي
- وكانت معنويات الجيش الإسلامي مرتفعة للغاية، فمنذ لحظة انطلاقه بقيادة عمرو بن العاص من الحجاز تمكن من فتح جميع الأراضي المصرية ما عدا الإسكندرية مروراً بفلسطين وسيناء. وكان الدافع لاستكمال انتصاراتها.
- كما كان يتمتع بطاقة روحية عالية، إذ كان يعتقد أنه يقوم بعمل إيماني وليس عملاً دنيوياً، وكان يحارب الجيش البيزنطي الذي يحتل ويغتصب البلاد العربية دون وجه حق.
- وكان لكتاب وجهه أمير المؤمنين للجيش الإسلامي أثناء حصاره للإسكندرية الأثر الكبير في إثارة الحماس في نفوسهم والشجاعة في القتال.
3- ضعف جيوش الإمبراطورية الرومانية البيزنطية
هناك عدة عوامل أدت إلى ضعف الجيوش البيزنطية، منها:
- وفاة هرقل ملك روما البيزنطي في 11 فبراير سنة 641م. وكان ذلك بعد أن فتحت الجيوش الإسلامية معظم أراضي مصر، وقبل وقت قصير من بدء جيش المسلمين حصار مدينة الإسكندرية.
- واشتدّت الخلافات في القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية بعد وفاة هرقل، نتيجة الصراع على السلطة، مما فرقهم وأضعفهم. وأدى ذلك إلى ضعف الإمدادات، سواء في المعدات أو الأفراد، للجيش البيزنطي في الإسكندرية.
- وفرض الجيش الإسلامي حصارًا على مدينة الإسكندرية من كافة مناطق الأرض، وقطع المياه عن قناة الإسكندرية مدة الحصار الذي امتد من ثلاثة إلى خمسة أشهر.
- وانقسم المصريون إلى مجموعتين، الأولى مع المسلمين، والثانية مع البيزنطيين، مما أدى إلى حرب أهلية داخلية أدت إلى الفوضى وعدم الاستقرار داخل الإسكندرية، مما أدى إلى تشتيت الجيش البيزنطي وإضعافه.
4- دعمت مجموعة كبيرة من المصريين الجيش الإسلامي
وكما ذكرنا في الفقرة السابقة فإن عدد كبير من المصريين دعموا ودعموا الجيش الإسلامي، بالطعام وعلف الخيول والخدمات اللوجستية، وأسلم الكثير منهم وانضموا إلى جيش المسلمين، مما سهل الأمر على المصريين. المسلمين، ونصرهم، وقويهم، وحفظ ظهورهم.
5-حسن التخطيط لعمرو بن العاص
كان لمهارة عمرو بن العاص وصبره ومثابرته الأثر الكبير في فتح الإسكندرية، حيث قام بدراسة ميدانية كاملة، وجمع كل المعلومات، واستفاد من كل البيانات، وأهمها:
- وقد درس جغرافية المنطقة بعناية، حيث وجد أن المدخل الوحيد للإسكندرية هو من الشرق، لأنه وجد أن الإسكندرية محصنة من الشمال بالبحر الأبيض المتوسط، الذي يسيطر عليه الأسطول البيزنطي، ومن الغرب. وهي قناة الثعبان، ومن الجنوب بحيرة مريوط، وهما منطقتان يصعب الوصول إليهما. واجتازوا حواجز المياه، وحددوا منطقة الهجوم من جهة الشرق.
- لكنه وجد أن شرق الإسكندرية محمي أيضًا بواحدة من أهم القلاع البيزنطية، تسمى كريون، فخطط لاقتحامها، وبالفعل تم الاستيلاء عليها، حيث فر الجيش البيزنطي إلى أسوار الإسكندرية، وهكذا ووصل الجيش الإسلامي إلى شرق مدينة الإسكندرية، لمحاصرتها، تمهيدًا للدخول إليها من جانبها الشرقي.
- وتبين أن الإسكندرية محاطة بأسوار سمكها 5 أمتار وارتفاعها 20 متراً تقريباً، وبها أبراج كثيرة تنصب عليها المنجنيق. ولهذه الجدران أبواب حديدية سميكة وقوية للغاية يصعب اقتحامها.
- وعلم أن الإسكندرية كانت محصنة بنحو 50 ألف جندي بيزنطي، وكانت الإمدادات تأتي من البحر، ولم يكن من السهل هزيمتهم.
إقرأ أيضاً:
مراحل فتح الإسكندرية
ويلاحظ أن تاريخ فتح الإسكندرية له عدة روايات تاريخية مختلفة، سنستعرضها هنا في المرحلة الثالثة أدناه، ولكن جميع الروايات تتفق على أن بداية الحملة التي تكونت في البداية من 4000 جندي لغزو جميع مصر، كان من بداية عام 640م، وانتهت الحملة بمهمتها بفتح الإسكندرية، التي كانت آخر مدينة مصرية يفتحها الجيش الإسلامي، وكان ذلك في 17 سبتمبر 642م. مر فتح الإسكندرية بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى وهي مرحلة الإعداد لحصار الإسكندرية:
وتعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل فتح الإسكندرية. وفي تلك المرحلة قام عمرو بن العاص بدراسة وتحليل كافة المعلومات والبيانات المذكورة أعلاه، وعلى أساسها وضع خطته الإستراتيجية التي اعتبر أن حصار الإسكندرية هو أفضل وسيلة لفتحها. وبالفعل بدأ باتخاذ خطوات وإزالة العوائق للوصول إلى حصار الإسكندرية، منها: :
- توثيق العلاقة مع المصريين (الأقباط) أهل البلاد الأصليين، وقد تم ذلك بالفعل مع نسبة كبيرة منهم، حيث ساعدوه بالطعام، وعلف الخيول، وأرشدوا الجيش الإسلامي في الطرق والدروب. وكانت عيناه في الإسكندرية وما حولها.
- وكان هناك قلعة بيزنطية تسمى كريون، وهي آخر قلعة بيزنطية تمنع الوصول إلى شرق الإسكندرية. وتحصن فيها قائد الجيش البيزنطي ثيودور مع أعداد كبيرة من جيشه. وحشد عمرو بن العاص قوات كبيرة بعد تلقيه الإمدادات من أمير المؤمنين، وبدأ الهجوم على ذلك. القلعة، حيث تمكن من السيطرة عليها، فر قائد وجيش البيزنطيين إلى مدينة الإسكندرية، وتحصنوا بأسوارها المنيعة، وبذلك وصل الجيش الإسلامي إلى أطراف المدينة. وبدأ حصار الإسكندرية، وكان ذلك في شهر مايو تقريبًا من عام 642م.
المرحلة الثانية وهي حصار الإسكندرية:
واستمر حصار الإسكندرية، بحسب الروايات المختلفة، من ثلاثة إلى خمسة أشهر. وكانت مظاهر الحصار ونتائجه على النحو التالي:
- وأقام الجيش الإسلامي معسكراته بعيداً عن المنجنيق لتأمين قواته.
- وأحكم سيطرته على بحيرة الإسكندرية لمنع وصول المياه العذبة إلى الجيش البيزنطي.
- وأحكم حصاره، حتى عزل الإسكندرية تماما عن كل مساحات الأرض التي تحيط بها، ولم يبق إلا البحر، ولكن كما ذكرنا مع اشتداد الخلافات في القسطنطينية على السيطرة على الحكم، وانشغالهم بجيوشهم الخارجية مما قلل بشكل كبير من الدعم للجيش البيزنطي حتى من البحر، مما ساهم في شدة الحصار.
- وكما أوضحنا فإن انقسام أقباط مصر أدى إلى حرب أهلية أثرت على الوضع الداخلي للإسكندرية مما زاد من ضغوط الحصار.
- وعمل عمرو بن العاص على إبقاء الجيش المحاصر للإسكندرية يتحرك حتى لا يتكاسل أو يمل أو يسترخي. وسيرسلها لتأكيد سيطرتها على المناطق الساحلية والدلتا الوسطى، للحفاظ على لياقتها وقوتها.
- كل الأحداث السابقة استغرقت وقتاً طويلاً، مما أثار قلق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. وبعث برسالة يحث فيها الجيش الإسلامي على سرعة حسم فتح الإسكندرية، ويحثهم على التطهر والصلاة، مما رفع إيمان الجيش الإسلامي ومعنوياته.
إقرأ أيضاً:
المرحلة الثالثة وهي مرحلة فتح الإسكندرية:
تعددت الروايات التاريخية حول كيفية فتح الإسكندرية بعد الحصار المتفق عليه. ومن باب الأمانة العلمية سنورد هذه الروايات عسى أن يكون ذلك مفيدا، وقبل سرد الروايات الثلاثة المختلفة بينها، ولكنها جميعا متفقة على يوم فتح الإسكندرية وهو 17 سبتمبر 642 م. ، والروايات تختلف. هناك ثلاث روايات:
-الرواية الأولى،
وهو ما يرويه ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ، فيقول إنه تم اقتحام أحد الأبراج وهدمه، كما هدم جزء من السور، ودخل الجيش الإسلامي وفتح الإسكندرية عنوة.
-الرواية الثانية
وهو ما رواه ابن إياس الحنفي في كتابه بدائع الزهور، وجاء فيه أن أحد أقباط مصر اسمه ابن نسامة اتفق مع عمرو بن العاص على أن يفتح الباب الشرقي، وفي المقابل يحصل على ضمان لنفسه ولأسرته وأن تبقى أمواله وأراضيه ملكاً له بعد الفتح، وقد تم ذلك. ودخل الجيش الإسلامي من هذا الباب الشرقي من اتجاه القنطرة التي تسمى قنطرة سليمان واقتحم الإسكندرية بالقوة واحتلها.
-الرواية الثالثة
وهو ما يرويه المؤرخ بتلر الفريد في كتابه الفتح العربي لمصر، فيقول إن فتح الإسكندرية لم يتم فتحه بالقوة، بل بعقد اتفاق هدنة بين المسلمين، وكان عمرو بن العاص ينوب عنه. ، وبين البيزنطيين عنهم المقوقس وقائد الجيش ثيودور. وتنص هذه الاتفاقية على:
- يتم تسليم الإسكندرية للمسلمين بعد 11 شهرا. ويبقى المسلمون خارجها حتى جلاء الروم عن طريق البحر.
- وتعهد البيزنطيون بعدم مهاجمة مصر مرة أخرى في المستقبل.
- سيقدم البيزنطيون 150 جنديًا و50 مدنيًا للمسلمين كرهائن لضمان تنفيذ الاتفاق.
- ولا ينبغي للمسلمين أن يتدخلوا في شؤون الكنائس، ويجب أن تكون مستقلة.
وهكذا تم إجلاء البيزنطيين من الإسكندرية عبر البحر، ودخلها الجيش الإسلامي دون قتال، وبذلك تم فتح الإسكندرية في 7 سبتمبر 642 م.
شاهد أيضاً..