إن تطوير الاقتصاد التركي هو نموذج يحتذى به ونأمل أن تقتدي به جميع الدول النامية، فالأمن الاقتصادي هو أساس استقرار الدول وتنميتها. وإذا استثمروا بشكل صحيح، فسوف يتخلصون من أزماتهم، كما حدث مع تركيا الحديثة، بعد الكساد الذي مرت به بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وانتقالها من القرن الذهبي إلى القرن التالي. الاكتئاب والتخلف. وبعد أن كانت تعلوها القصور والأبنية، أصبحت مستنقعاً متعفناً لا يصلح للحياة لأبناء الانقسام والأقليات. تراكمت الديون واختفت البنية التحتية، لكن سرعان ما استعادت تركيا الحديثة قوتها وواجهت أزماتها. وبعد أن كانت دولة نامية، أصبحت واحدة من أقوى عشرين دولة اقتصادية في العالم. فهل حدث ذلك بمحض الصدفة أم أن هناك أيادي قوية وموثوقة عملت بجد وخططت ونفذت الخطط في الوقت المناسب؟ بأعلى مستوى من الدقة، كيف تحولت تركيا من دولة مدينة لصندوق النقد الدولي بمبلغ 23.5 مليار دولار إلى مُقرضة لصندوق النقد الدولي خلال عشر سنوات، وما هي مراحل تطور الاقتصاد التركي؟

مراحل نهضة وتطور الاقتصاد التركي

من الاكتئاب إلى القوة، كيف تمكنت تركيا من تحقيق هذا التقدم؟ ولكي نعرف ذلك لا بد أن نعرف لمحة عامة عن نشأة الدولة التركية وكيف نشأت:

  • بدأت الدولة التركية عام 1923م في أعقاب انهيار الإمبراطورية العثمانية. واختفت الدولة العثمانية ولم يبق من نفوذها سوى هذه المنطقة. سميت تركيا على اسم مؤسسها مصطفى جمال أتاتورك.
  • بعد ذلك بدأت العلمانية بالظهور في تركيا، وبدأت مشكلة الأقليات وحب الأتراك لملكية المنطقة، فاعتمدوا سياسة وقانون اعتماد اللغة التركية فقط، وأهمها قانون التتريك من الأذان وقانون الاكتفاء الذاتي ومنع التواصل مع الدول الأجنبية اقتصاديا. وتفاقمت الأزمة وتراكمت ديون الدولة بالإضافة إلى ديون الدولة العثمانية، فانتشرت البطالة، وبدأ الشباب بالهجرة للعمل في الخارج، وظل الركود قائما حتى أوائل الثمانينات.
  • في الفترة ما بين الستينات وأوائل الثمانينات: اتبعت الحكومة سياسة اقتصادية تعتمد على الاقتصاد الداخلي ومنع الواردات الخارجية ومحاولة الاعتماد على الموارد الداخلية وتصنيعها وتصديرها، لكن بسبب الفساد استمر العجز وتراكمت الديون .
  • عام 1982م: انتهاء الحكم العسكري في البلاد واتباع سياسة جديدة لتطوير الاقتصاد. وبدأت عملية خصخصة القطاعات العامة، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، ورفع القيود عن الواردات، لكن سلسلة الأزمات الاقتصادية أدت إلى انهيار الليرة التركية.
  • فترة ما بعد عام 2002: مع تولي حزب العدالة والتنمية السلطة، بدأ الاقتصاد التركي يتحرك في الاتجاه المعاكس، مما أدى إلى تطور الاقتصاد التركي. وسددت جميع الديون المتراكمة على الدولة، وارتفعت قيمة العملة التركية الحديثة، وانخفضت نسبة البطالة إلى 2%، وبدأت مشاريع ضخمة حول العالم. بدأت الصناعات التركية تكتسح أسواق العالم أجمع، وفي عام 2012 أصبحت تركيا ضمن أقوى عشرين اقتصاداً في العالم.

يقرأ:

كيف تطور الاقتصاد التركي؟

وفي النقاط التالية نتناول تجربة تركيا الاقتصادية، وكيف نهضت تركيا، وما هي الأسباب والعوامل التي اتبعتها لتصبح من أقوى دول العالم اقتصاديًا.

-وضع خطة تهدف إلى تنمية الاقتصاد التركي:

وبعد تولي حزب العدالة والتنمية السلطة، وضع خطة حدد من خلالها توقعات الوضع الذي يجب أن تصل إليه دولة تركيا في عام 2025م، وبدأ العمل على هذه الخطة، وظهرت النتائج بوضوح بعد عشر سنوات فوضع الخطة، حيث تحولت تركيا من دولة نامية إلى دولة أعظم. وفي العالم أصبحت تنافس الصين والدول الأوروبية، وارتفعت قيمة العملة التركية إلى 30 ضعف قيمتها.

-تنفيذ الخطة وإقامة رقابة جيدة؛ لمنع الفساد:

لقد بدأت تركيا العمل الجاد وما زال العمل مستمراً للوصول إلى أعلى المستويات. لقد أنقذت نفسها من الغرق بعمل الحكومة والشعب للنهوض.

-التطور الصناعي:

ركزت تركيا على الصناعة لتنمية اقتصادها. وبنيت أكبر المصانع. وأصبحت تركيا الأولى في صناعة الصلب عالمياً، والسابعة عالمياً في صناعة السفن، والأولى في تصنيع المواد الغذائية وتعبئتها، بالإضافة إلى الصناعة الإلكترونية. وبدأت البضائع التركية تغزو الأسواق. ولم يقتصر الأمر على البلدان النامية فحسب، بل بدأ في غزو الأسواق الأوروبية.

-الإنتاج الزراعي:

بسبب مناخها المعتدل، وتربتها الخصبة، ووفرة المياه الجوفية، تشتهر تركيا بإنتاجها الزراعي الضخم. وتحتل المرتبة السابعة عالمياً في زراعة القمح، بالإضافة إلى الشعير والفواكه والخضروات والقطن والزيتون والحمضيات. وكان للإنتاج الزراعي الدور الأكبر في تنمية الاقتصاد التركي.

-إنتاج العسل:

تنتج تركيا 6.85% من إجمالي الإنتاج العالمي كل عام، وهي في المرتبة الثانية بعد الصين.

-التعدين:

ومن أهم الأسباب التي ساعدت على تطوير الاقتصاد التركي هو استخراج 82 طناً من الذهب خلال السنوات العشر الأخيرة.

– التنمية البشرية والاهتمام بالتعليم:

وقام ببناء 125 جامعة جديدة و169 ألف فصل دراسي حديث مجهز بالإنترنت وأجهزة الكمبيوتر. الدراسة في تركيا تكون على نفقة الدولة، بالإضافة إلى بناء مدينة مجهزة بمختبرات مجهزة للأبحاث والاختراعات. ميزانية التعليم تفوق ميزانية الدفاع العسكري، وراتب المعلم يعادل راتب الطبيب من أجل استثمار عقول الشباب في خدمة الوطن. الأمة والعمل على تنمية الاقتصاد التركي، وتم إنشاء مؤسسة كوسبيك وهي مؤسسة تساعد الشباب على تبني أفكارهم ووضع خطة متكاملة لتنفيذ أفكارهم ودعمهم مالياً. وأخلاقيا.

إقرأ أيضاً:

-خصخصة القطاع العام ودعم ومراقبة القطاع الخاص:

وقامت الحكومة بخصخصة القطاع العام من خلال تطوير المشاريع والمقاولات من خلال شركات استثمارية تبنت هذا العمل، فظهرت المطارات الضخمة والجسور والبنية التحتية والقطارات السريعة والمراكز التجارية.

– تحسين مستوى دخل الفرد:

وارتفع دخل الفرد من 3500 دولار سنويا إلى 11 ألف دولار في عام 2013.

-جذب الدول الأجنبية للاستثمار في تركيا:

من خلال الاستثمار في مشاريع ضخمة مثل المطارات والجسور ومشروع محطة الطاقة النووية السلمية، ومد كافة مدن تركيا بالكهرباء بالتعاون مع دول أخرى مثل روسيا.

-احتياطي مخزون العملات:

وفي عام 2016، بلغ المخزون الفائض من العملات التركية 116 مليار دولار في المخزون الاحتياطي للبنك المركزي. وهذا يعني أن تركيا وصلت إلى أعلى مستويات التنمية الاقتصادية لأنها تتساوى مع مخزون الدول الكبرى.

تصفية ديون تركيا:

ودفعت تركيا كافة ديونها لصندوق النقد الدولي. وفي عام 1958، وقعت تركيا اتفاقية يمكنها بموجبها الاقتراض من الصندوق. وتم الاتفاق على ذلك، وفي عام 1961 حصلت تركيا على أول قرض من صندوق النقد الدولي، وفي عام 2001 حصلت تركيا على أكبر قرض من الصندوق، وكان القرض بمبلغ 23.5 مليار دولار. وبلغ إجمالي القروض التي أخذتها من الصندوق 56 مليار دولار، وفي هذا العام وصلت الأزمة الاقتصادية التركية إلى ذروتها. انهارت البنوك التركية وفقدت قدرتها على العمل بسبب إفلاس البنوك. أما بعد… فقد تولى حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002. وبدأت الأمور تتحرك في الاتجاه المعاكس. وتم وضع خطة كان من أبرز أهدافها تطوير الاقتصاد التركي وسداد كافة الديون برئاسة أردوغان. وفي عام 2012، نجح في سداد جميع الديون المستحقة لصندوق النقد الدولي.

مقالات ذات صلة،،