لا أحد يعترف بأن تربية الأبناء في مرحلة المراهقة أمر سهل، وجميعنا نحلم أو نتوقع أو نرى أن «أسرتي» ستكون أفضل من ذلك، ف«أطفالي» لن يلتزموا أو يتبعوا منهج «المراهقة». حقًا؟ إذا واصلت تحقيق أحلامك، لأنه يكاد يكون من المستحيل ألا تمر عائلتك بهذه المرحلة من حياتها. يقول ستورات جولدمان، رئيس قسم الصحة العقلية في مستشفى بوسطن: “يقوم المراهق بإبعاد والديه من حياته حتى يعيد توظيفهما مرة أخرى لاحقا”. “إنهم يمرون بتغيرات شبه جذرية وشبه شاملة، سواء فيما يتعلق بأجسادهم أو نفسيتهم أو البيئة المحيطة بهم”. فكيف لا تؤثر كل هذه التغييرات عليهم؟
ونعرض في هذا المقال أبرز مشاكل المراهقة التي تواجه معظم الأسر، مع شرح الخبراء لها، وأفضل الحلول لمعالجتها:
المشكلة الأولى:
ابنك يكرهك: في المراحل الأولى من حياته، يريد منك أن تقرأ له قصة قبل النوم. لا يريدونك أن تبتعد عنهم. وفجأة تغيروا 180 درجة. إنهم لا يريدونك في الجوار، ولا يهتمون بما تقوله، ولا يهتمون بما تفكر به في ملابسهم، ومظهرهم، وأصدقائهم… إلخ. . وتفسير هذا السلوك، كما توضح نادين كاسلو الخبيرة والطبيبة النفسية المتخصصة في شؤون الأسرة، هو أن طفلك أصبح – في اعتقادها – شابا يبحث عن الاستقلالية، ويجد متعة أكبر في قضاء وقته مع أسرته. الأصدقاء، وليس عائلته، لأنك – والديه – مملة له. . الحل يكمن في الصبر. ولا يكاد يوجد أي حل آخر. إن طفلك الذي أصبح مراهقاً يعلم يقيناً أنه سيعود إليك. أنت والده في النهاية. ولكن بكل بساطة، هي فترة يجب أن يمر بها أي مراهق، مع ضرورة وأهمية مراقبة سلوكه. وإذا أخطأ يلجأ إلى… كن حازماً وصارماً أحياناً لتصحيح الخطأ، ولكن في غير ذلك كن صبوراً.
المشكلة الثانية:
الهاتف المحمول (وسائل الاتصال الحديثة): نحن في عالم الإنترنت والسرعة. ونجد أن وسائل الاتصال الحديثة موجودة في كل مكان وفي كل وقت، عند الغداء وأثناء النزهات وغيرها، مما يؤدي إلى ابتعاد الأطفال عن والديهم رغم وجودهم معهم! . أما عن تفسير ذلك: خلال فترة المراهقة يبتعد طفلك، أو بمعنى أدق، يهرب إلى عالمه الافتراضي، بعيداً عن البيئة الأسرية، أو الضغوط المدرسية، أو أي مشاكل قد تواجهه خلال هذه الفترة من حياته، بالإضافة إلى ذلك. لدرجة أنه يفضل مرة أخرى قضاء الوقت مع أصدقائه بدلاً من عائلته. لكن الحل، كما تقول الدكتورة سوزان بارتيل، وهي عالمة نفسية متخصصة في مشاكل المراهقين، هو النظر إلى الصورة بالكامل من المنظور الخارجي. إذا كان ابنك أو ابنتك يقوم بواجباته وأعماله المنزلية ويحترم وقت العائلة، فلا يفضل منعه من ذلك. أما إذا كان أداؤه سلبياً وكان له تأثير على دراسته وعلاقاته الأسرية والاجتماعية، فيأتي دور النقاش وحل المشكلة عن طريق الحوار. وإذا لم ينجح، فيمكن اللجوء إلى التشدد والشدة كحل أخير، مثل تحديد مواعيد محددة لاستخدامه، أو حتى منعه تماما إذا لزم الأمر.
المشكلة الثالثة :
يقضي أطفالك وقتًا مع مراهقين “مشبوهين” إلى حد ما: نحن هنا نتحدث عن الصحبة السيئة. قد تجد ابنك مع مراهقين آخرين ذوي سلوكيات وحتى مظاهر مشبوهة، وهو ما سيجعلك تتساءل بالتأكيد وبطبيعة الحال. أما بالنسبة للتفسير، فإن ابنك يريد أن يكون هادئا – وهذا هو التفسير الأكثر شيوعا، وقد يكون السبب ببساطة أنه وجد نفسه معهم، أي أن من حقه أن يتصرف كما يفعل عادة معهم، أو أن ابنه سوء الحظ أبعده عن الرفقاء الصالحين. أما الحل: فهو في الواقع النظر إلى الصورة الكبيرة هنا. هل يعني أن صديق ابنك مدخن أنه صديق السوء؟ وقد يكون مهتماً بصحته أكثر منه فينصحه بل ويبلغ عنه إذا كان يدخن لأنه يعلم أضرار التدخين. لذلك، من الضروري التأكد من أن أصدقائه أصدقاء حقيقيون. سيئون قبل أي شيء آخر، وإذا ثبت بأي شكل من الأشكال أنهم رفاق سيئون حقًا، فلا توجه اتهامات ضد ابنك أو أي من أصدقائه لأنه سيتخذ موقفًا دفاعيًا، ويناقش الأمر ببساطة. كن عقلانيًا واحضر الأمر على سبيل المناقشة وليس الاتهام.
المشكلة الرابعة:
البقاء خارج المنزل لوقت متأخر: المراهقون بطبيعتهم متمردون، يبحثون عن قواعد لكسرها، ومن أهم هذه القواعد البقاء خارج المنزل لوقت متأخر والقلق الذي قد يصاحب الأسرة، بالإضافة إلى المشاكل الأخرى التي قد تصاحبه. يصاحب ذلك، مثل احتمالية التعرض للسرقة، وتأثير البقاء خارج المنزل لوقت متأخر وبشكل مفرط. ويتكرر على أدائهم في بيئات أخرى، مثل الدراسات والاتصالات العائلية. ولتفسير ذلك يقول ستورت غولدمان إن المراهقين يحبون المغامرة، ويبحثون عن المخاطرة، وكل ما يعتقدونه عن آبائهم هو أنهم يشكلون عائقاً في طريق إشباع رغبتهم في تذوق وتحدي الخطر. لا، لن يفهموا معنى قلق والديهم من تعرض أنفسهم للخطر، ومن الممكن، في المقابل، أن يكون السبب هو البقاء خارج المنزل يعني الهروب منه وما يجلبه من مشاكل عائلية. الحل هنا ليس معاقبتهم، بل فهم طبيعتهم المتمردة، وحتى التخطيط لرحلات عائلية محفوفة بالمغامرة، كاستكشاف الغابات والكهوف، أو إرسالهم في رحلات متخصصة في هذا الشأن. اعمل على توفير مناخ أفضل لأطفالك، خاصة خلال فترة المراهقة، لكن قد يتعين عليك أن تكون أكثر حزماً. وكحل لمشكلة البقاء في الخارج فقط – ومن أجله فقط – البقاء في الخارج دون أي سبب مقنع باستثناء التصرفات التي لا تفهم إلا على أنها ممارسات خاطئة.
المشكلة الخامسة:
الدراما: ما نعنيه بهذا هو أن ابنك أو ابنتك -وخاصة ابنتك- حساس جدًا لكل الأمور. تغضب من كل نقاش وتغلق الباب بقوة عند كل حديث. ما هو التفسير؟ وتفسير ذلك أن ابنك أو بنتك في مرحلة المراهقة! وكل شيء في مرحلة المراهقة حساس، بدءاً من التغيرات الجسدية، مروراً بالطبيعة النفسية، مروراً بالفصل الجديد من حياتهم، وأخيراً وبشكل عام من خلال تغيير بيئتهم الأكاديمية. إذن ما هو الحل؟ الحل يقع عليك أولا وأخيرا – كأب أو أم – لذا يجب عليك التواصل مع ابنك أو ابنتك. لا تجعل أي أمر يعرض عليك أمراً تافهاً، وانتبه لكل ما يقولونه سواء أسرار أو أسئلة أو ممارسات. إذا وصل الأمر إليك، فإن ابنتك لديها سر أنها معجبة بزميلتها في الصف، فاستمع إليها، ولا تجعل الأمر يبدو وكأنه مرحلة ستنتهي.
وأخيراً – وللتذكير – تعتبر مرحلة المراهقة مرحلة مهمة جداً في حياة الأطفال، فهي مرحلة ما بعد التأسيس – الطفولة – وهي مرحلة العبور، والتي لها أثرها في كل المراحل اللاحقة من حياتهم. تذكر دائمًا أنك كنت مراهقًا ذات مرة.
إقرأ أيضاً…