ومن الجميل أن نتعرف على قصة زواج زينب بنت الرسول الكريم من أبي العاص، لما فيها من فائدة واضحة ودروس محمودة. فلنرويها في السطور التالية.
من هو زوج السيدة زينب بنت الرسول؟
إنه أبو العاص بن الربيع – رضي الله عنه – ولهما معًا قصة من أروع وأروع القصص على مر العصور والأزمنة. وخلال السطور التالية سنتناول الأمر بشيء من التفصيل.
قصة زواج زينب بنت الرسول
ذات يوم ذهب أبو العاص إلى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة النبوية، يطلب منه الزواج من السيدة زينب كبرى بنات الرسول الكريم، ودار الحوار التالي بينهما هم:
- أبو العاص: أريد الزواج من السيدة زينب.
- النبي محمد: لا أفعل ذلك إلا بإذنها.
- دخل النبي محمد على ابنته فقال: ابن عمك أبو العاص جاء يطلب منك الزواج منه. هل تقبلينه زوجا لك؟
كل ما كان عليها فعله هو أن تبتسم بخجل، وتوهج وجهها باللون الأحمر. لقد فهم المختار الحبيب وغادر، وتم الزواج.
وأسفر هذا الزواج عن أمامة وعلي، ثم أرسل النبي الكريم رسالة الإسلام. وكان أبو العاص قد سافر ولم يعلم شيئا. وعندما عاد وجد أن زوجته قد أسلمت، ودار بينهما الحوار التالي:
- زينب: لدي أخبار رائعة جدًا.
فقام وتركها. فتعجبت من أمره، وقامت وتبعته قائلة: أرسل أبي رسولاً، وقد أسلمت.
- أبو العاص: هل يمكن أن تخبرني قبل أن تفعل ذلك؟
- زينب: لن أكذب على والدي ولن يكون كذلك. وهو صادق أمين، وقد أسلم جماعة غيري.
- أبو العاص: لا أحب أن يقال عني أنه ترك قومه وكفر بما يعبد آباؤه وأجداده. لإرضائك، ووالدك ليس متهماً، فهل تعذرني؟
- زينب: ومن سيعذرك إذا لم أفعل؟! لكني، زوجك، أبقيك على الطريق الصحيح.
وظل الزوجان على هذه الحال عشرين سنة، فحدثت مشكلة فقهية بين الزوجين، فتركاها جانبا واستمرا في حياتهما. إذن ماذا حدث؟!
إقرأ أيضاً:
قصة إسلام أبو العاص زوج زينب
ومرت السنين، وجاءت الهجرة، ولم يكن أمام زينب إلا أن تذهب إلى أبيها:
- قالت: هل تسمح لي أن أقيم مع زوجي؟
- سيدنا محمد: من فضلك ابقى، وسنكمل معًا قصة زواج زينب بنت النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وبقيت في مكة حتى وقعة بدر، وهنا قرر أبو العاص الانضمام إلى جيش قريش. الزوج كان يخاصم الأب فماذا كان موقفها؟!! فحدث ما كانت تخافه، فبكت بشدة وتوسلت إلى ربها قائلة: ربي إني أخاف اليوم الذي أفقد فيه والدي أو ييتم أطفالي.
انتهت المعركة بإلقاء القبض على زوجها. ولما وصل الخبر مكة سألت الابنة الصالحة عن أبيها -صلى الله عليه وسلم-، ولما علمت بانتصار المسلمين خرّت ساجدة لرب العالمين فرحة بفضله.
ثم سألت عن زوجها، فلما علمت بسبيه ركضت لترسل له شيئا تفتديه به. ولم يكن لديها سوى قلادة أمها، فأرسلته مع أخيه.
وبينما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأخذ الفدية ويطلق الأسرى، رأى قلادة خديجة -رضي الله عنها-، فقال: من هذا؟
فقيل له إنها فدية أبي العاص، فبكى الحبيب المصطفى، وقام وخطب الناس، وقال إنهم لم يروا في زواجه شراً، وطلب منهم إطلاق سراحه والعودة. العقد لابنته، ولكن لم يختلف معه أحد، فسلمه النبي العقد وأوصاه بأن لا تتهاون زينب في عقد زواج أمها، فأخذه. جانبا
- فقال له: إن الله أمرني أن أفرق بين المسلم والكافر. هل ستعيد لي ابنتي؟
- فقال أبو العاص: نعم.
التقت الزوجة بزوجها على أبواب مكة، فلما رآها قال لها:
- أبو العاص: أنا راحل.
- زينب:أين ستذهبين؟
- أبو العاص: أنت الذي ستذهب إلى أبيك.
- أبو العاص : لتفرقنا .
- زينب: هل تستطيع أن تعتنق الإسلام لتظل رفيقتي؟
- أبو العاص: لا.
قصة حب السيدة زينب وأبو العاص
رحلت السيدة زينب وولداها، وظل آل خطاب يطرقون بابها لمدة ست سنوات. وظلت ترفض على أمل عودة زوجها. ولما مضت الست سنين خرج أبو العاص من مكة إلى الشام. ثم استفسر عن منزل زوجته وطرق بابها قبل أذان الفجر.
- زينب: هل جئت مسلمة؟
- أبو العاص : بل هو هارب .
- زينب: هل تخضع لرب العالمين؟
- أبو العاص: لا.
- زينب: أهلا بابن عمي أبو أمامة وعلي. لا تخافوا.
وبينما المسلمون يصلون صلاة الفجر إذا صوت يقول: قد صلاها أبو العاص بن الربيع. فتعجب النبي كثيراً.
- زينب: يا رسول الله، أبو العاص، إن كان بعيدًا فهو ابن عمي، وإن كان قريبًا فهو أبو أولادي، وقد كافرته.
فقام النبي فخطب الناس، فإذا أرادوا أن يردوا إليه ماله ويتركوه رجع إلى بلده، وإذا أبى فلا لوم عليهم، فلا يعطوه إلا حقه. مال.
وطلب النبي من ابنته أن تكرم نزل ابن عمها وأب أولادها، مع التنبيه على أنه لا يجوز لها، فطمأنته ثم دخلت.
- زينب: فراقنا عن أبي العاص عار عليك. هل تقبل الإسلام وتبقى معنا؟
- أبو العاص: لا.
- ثم رجع بماله إلى مكة، فلما وصل قال: أيها الناس، هذه أموالكم. هل لديك أي شيء آخر معي؟
- قالوا: جزيت خيراً، فمت ومت.
- قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله.
قصة إسلام زوج السيدة زينب
ودخل أبو العاص المدينة فجراً متوجهاً إلى بيت رسول الله.
- فقال أبو العاص: أذنت لي يا رسول الله بالأمس، وقد جئت اليوم لأبلغك ما أرسلت به. هل تسمح لي بزيارة زينب؟
- فأخذه رسول الله إلى بيت زينب فقال: هل ترضين أن يستشيرك ابن عمك؟
- زينب:ابتسمت بخجل وخدودها احمرت.
توفيت السيدة زينب بعد سنة، فأبكاها زوجها بكاءً شديداً، حتى أن النبي محمد كان يهون عليه ويمسح دروسه. وكان يقول إنه لم يعد يتحمل العيش بدونها، فلحق به بعد عام آخر.
إقرأ أيضاً:
وفي الختام تعرفنا على قصة زواج زينب بنت الرسول. ما أعظم الولاء! ما أروع الحب الذي يثلج القلب!
شاهد أيضاً..