كورونا أخطر على النفوس من الفيروس. نظرة فاحصة على أوضاع المجتمع في ظل الوباء. يجتاح وباء كورونا العالم أجمع على نطاق واسع خلال الوقت الحالي، وقد أحدث حالة من الذعر غير المسبوق بين البعيد والقريب. هل وباء كورونا هو أخطر تهديد لحياة الإنسان؟ هل حياته بائسة بالنسبة له أم أن العنصر البشري ارتكب ذنوباً لا تغتفر أودت بحياةه؟
كورونا أخطر من الفيروس
نشهد خلال الفترة الحالية توقفاً غير عادي لمسار الحياة، حيث انقلبت موازينها رأساً على عقب، في كافة المجالات، سواء من الناحية العملية أو التربوية أو الاجتماعية، وغير ذلك الكثير. كل ما يحيط بالإنسان يبدو كما لو كان مجرد فيديو بث مباشر، بنقرة واحدة فقط. وعلى زر التوقف انقطعت عنه كل وسائل الحياة، ولم يبق منها إلا هوامش هامشية قليلة ذات تأثير محدود.
في ظل طغيان وباء كورونا، جرت الأمور على نحو لم يكن يريده الناس. لقد انقلبت حياتهم فجأة، دون سابق إنذار. حتى بيوت الله -عز وجل- أغلقت لأول مرة في التاريخ! هل تعتقد أن هذه الأشياء هي نتيجة طغيان الإنسان نفسه؟ وبالتالي فإن كورونا أخطر على النفوس من الفيروس نفسه، ومخاطره لا تعد ولا تحصى، أم أنه مضطر للتعايش مع هذا الواقع المرير دون أن يرتكب أي ذنب من جانبه؟
ولا نتناول هنا مزايا فيروس كورونا من الجانب العلمي، بل نتناول آثاره على النفوس من وجهة نظر إنسانية بحتة، ويطرح السؤال: أمام كل هذه المواقف المتأزمة ماذا فعل الإنسان؟ العنصر يفعل؟ فهل تخلى عن طغيانه؟ وفساده؟ هل هو ظلم للآخرين؟ هل كان للفيروس تأثير إيجابي؟
وأمام كل التوقف الذي يعيشه العالم أجمع في مختلف مجالات الحياة، فإن غالبية العنصر البشري وقف موقف المتفرج، ولم يحرك ساكنا. دعونا ننظر إلى مزايا الوضع من منظور مختلف. وبالطبع فإن هذا الوباء ليس متأكداً من موعد التعافي الكامل منه، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى حل. استراتيجية للحد من انتشاره في البلاد. وترى العالقين في بلدان أخرى، والذين أجبروا على التوقف عن العمل، والذين مُنعوا من ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، كما اعتادوا من قبل. لقد تغيرت الأمور بشكل جذري.
والسؤال هنا: ماذا لو كانت هذه هي النهاية؟ فهل نحن مستعدون للعيش مع هذا الوضع بسلام؟ والاستسلام لرب العباد؟ وعلى استعداد لمقابلته في أي وقت؟
كل هذه الأسئلة وغيرها لا بد أن تتبادر إلى ذهن الإنسان وتحتل حيزاً من تفكيره. التوقف المؤقت للحياة، ماذا لو كان حالة دائمة؟ ماذا لو انتهت حياة أي منا قبل أن تمر هذه السحابة؟ هل نحن مستعدون حقا؟
القيم الأخلاقية في ظل أزمة كورونا
من الضروري اتخاذ احتياطات السلامة والصحة اللازمة، لتجنب الإصابة بفيروس كورونا، ومن الأفضل للإنسان أن يستغل الحجر الصحي الذاتي الذي تشهده البلاد خلال الفترة الحالية، لإصلاح نفسه وداخله، وأن يحرص على التخلي عن أي عادات أو قيم سلبية تعود عليه وعليه. جنبا إلى جنب مع الضرر،
يجب على الإنسان أن يغير نظرته للحياة ويتبنى الإيجابية والحياد والإنصاف وفضائل القيم والأخلاق الرفيعة، مع مراعاة ضرورة نبذ مشاعر الكراهية والكراهية تجاه الآخرين والسلوكيات الخاطئة التي يتبناها بعض البشر ويضمرون الشر تجاه بعضهم البعض.
كما ينبغي على كل إنسان أن يبدأ بإصلاح نفسه أولا، واتخاذ الاحتياطات اللازمة، دون انتظار تولي الآخرين زمام الأمور. فإذا بدأ كل إنسان بنفسه، ساعياً جاهداً نحو مستقبل مشرق، فسيتمكن العالم كله من تجاوز الأزمات والوقوف وسطها بكامل الوعي والعقليات المستنيرة. فالخير يكمن فيها، وبالتالي ينعكس في كل ما حولها، مما يضمن تكاتف العالم أجمع من أجل مواجهة الأزمات والأوبئة، سواء تلك التي تهدد حياة الإنسان، وصحته، أو تلك التي تكمن في النفوس.
فيروس كورونا فرصة ثمينة لكل إنسان لمراجعة نفسه
في ظل الأوضاع الراهنة، التي يرى الكثيرون أنها ظروف سلبية للغاية بشكل عام، هناك وجهة نظر أخرى لا ينبغي للإنسان أن يتجاهلها، وهي مراجعة نفسه، في كثير من أساليب حياته، وتعاملاته مع الآخرين، وما يعمقه داخل نفسه. العالم يتطلب السلام الداخلي قبل أي شيء آخر. عندها سيتمكن الجميع من الوقوف في وجه المصائب والتغلب عليها بكل سهولة.
فإذا نجحنا في القضاء على الحقد والكراهية والأحقاد التي تصيب نفوسنا، ومكننا من حب الخير للجميع، دون ضرر أو أذى، فسيكون للحياة معنى آخر، أعلى من ذلك بكثير، فليراجع كل إنسان تصرفاته. تجاه من يحيطون به، ومن هو مسؤول عنهم، فهي فرصة ثمينة للتقارب الأخلاقي والمشاعر العالية في التعامل مع الآخرين.
قد يعجبك:
كورونا ليس عذرا نعلق عليه كل شيء. من أراد أن يسعد نفسه والآخرين فليفعل، ولو في بيته، ومن أراد أن يصلي في جماعة فليصلها مع أهله. إن الأمور الأخلاقية لها الأثر الأكبر في حياة الإنسان، والحياة في أمان وسلام داخلي تساهم في رفع… مستويات مناعة الإنسان، مما يساعده على مقاومة ما قد يؤثر على سعادته، لذا فمن الأفضل لنا أن نتكاتف، ونبحث في الداخل. أنفسنا لمجالات السلوك السلبي، وتطوير أنفسنا من الداخل لنكون أعلى وأفضل، عندها ستتغير نظرتنا للحياة، وسنتكاتف معًا للتغلب على أزمة وباء كورونا، لأننا حينها سنصبح أقرب إلى الله. وسندعوه ونسأله أن يزول الضيق قريبا. وربما تنقشع الأزمات، وتكون الأيام المقبلة مليئة بالأخبار السارة التي ستغمر الجميع.
شاهد أيضاً..