لقد أنتج العراق من أراضيه القديمة نخبة من الشعراء، الذين كتبوا أروع وأروع أبيات الشعر العربي. ولم يمر عصر واحد دون حضور الشعر العراقي العظيم. ولم ننسى أشعار نازك الملائكة في ديوانها الشعري “شظايا ورماد” وقصائدها الثلاثين. كما ظهرت أبيات أبيات شعرية لكل منهم. من مظفر النواب، وعبد الوهاب البياتي، وبدر شاكر السياب، وأذكر أيام الدراسة عندما بدأنا بترديد قصيدة الشاعر محمد. مهدي الجواهري تحت عنوان “يا سيدي اشف فمي” وحفظناه عن ظهر قلب. ذلك الشاعر الذي كان فمه مفتوحا والذي قال كلاما معسولا وليس تملقا معسولا في ذكرى ميلاد جلالة الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – وفي مقالنا اليوم نتعرف على تفاصيل حياة الشاعر عن كثب.
محمد مهدي الجواهري
يحمل الشاعر محمد مهدي الجواهري لقب شاعر العرب الأعظم وأيضاً شاعر الجمهورية. إنه الشاعر العربي العراقي محمد عبد الحسين مهدي الجواهري، أحد أبرز وأشهر شعراء العصر الحديث. قدم عدداً كبيراً من القصائد التي أظهر فيها التزامه بالعمود الشعري التقليدي، وتميزت أبياته الشعرية بروعتها. التشكيل والجمال الفني في التصوير الفوتوغرافي، وهذا لم يغب عن القصائد الطويلة. وقد كتب ديواناً عظيماً في هذا السياق، وهو أيضاً شاعر انغمس في الأوضاع السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد.
حياته
وفي اليوم السادس والعشرين من شهر يوليو عام 1899م، أعلنت عائلة الجواهري ولادة الطفل محمد في مدينة النجف الأشرف. وكانت عائلته تتمتع بسمعة طيبة ومستوى اجتماعي رفيع بين مختلف الطبقات الدينية والأدبية في المنطقة. وكان والده من أبرز علماء مدينة النجف على الإطلاق، والمعلومات تؤكد أن عائلة الجواهر هي عائلة نجفية معروفة بالعلم والشعر والأدب إلى حد كبير. تعود أصول شاعرنا إلى جد عريق ترك إرثا أدبيا وتاريخيا عظيما. ومنهم الشيخ محمد حسان صاحب الجواهر مؤلف كتاب “جواهر الكلام في شرح فرق الإسلام”. كما كان للعائلة مجلس غني بالكتاب ونخبة من الشخصيات العلمية والأدبية البارزة.
حرص العلامة عبد الحسين على إلباس ابنه عباءة العالم والعمامة عندما بلغ العاشرة من عمره. ولم يحدث ذلك عبثا، بل لما يتمتع به من ذكاء طاغٍ وقدرة خارقة على الحفظ، مما أهله لأن يصبح عالما، ومن سيرة الجواهري بدأ التعلم في إحدى مدارس النجف الأشرف. وتتلمذ على يد نخبة من كبار المشايخ والمدرسين، فعلّموه الفقه والبلاغة والنحو والصرف. وانخرط مع أهل ثورة العشرين وشارك معهم فيها ضد القوات البريطانية. وعندما بلغ محمد مهدي الجواهري الخامسة والعشرين من عمره، تمكن من إطلاق ديوانه الشعري الأول بعنوان “خواطر شعرية في الحب والوطن”. والثناء، وفي بداية عام 1928م، تمكن من نشر أول ديوان شعر له تحت عنوان بين الشعور والعاطفة.
إقرأ أيضاً:
شبابه
- عمل في بلاط الملك فيصل الأول بعد تتويجه ملكاً على المنطقة، ثم استقال الجواهري من ذلك.
- الدخول والانخراط في عالم الصحافة؛ أسس صحيفة الفرات، لكنها توقفت عن العمل بسبب إغلاق الحكومة لها.
- عمل في مجال التعليم، وبدأ تدريس الطلاب في المدارس الثانوية في البصرة والحلة وبغداد.
- صدور صحيفة “الانقلاب” تزامناً مع بدء الانقلاب العسكري؛ تم سجنه لمدة 3 أشهر على الهامش.
- وأعاد فتح صحيفة الآخرة بعد أن أصبحت الحكومة تحت اسم “الرأي العام”.
- الهجرة إلى إيران نتيجة الضغوط التي عانى منها محمد مهدي الجواهري
- المشاركة في تأسيس الحزب الوطني عام 1946م في فترة حكومة توفيق السويدي.
- واستقال الجواهري من الحزب الوطني في العام نفسه، خلال شهر أغسطس الماضي، على هامش خلافات حدثت بين الأعضاء.
حياته السياسية
ومن أهم ال السياسية في حياة محمد مهدي الجواهري ما يلي:
- مواصلة العمل السياسي والصحفي.
- ترشح للانتخابات النيابية عام 1947م، وأصبح ممثلاً في مجلس النواب العراقي.
- الاستقالة من مجلس النواب العراقي بعد رفضه الشديد لمعاهدة بورتسموث.
- حضر مؤتمر أنصار السلام العالمي عام 1949، وكان العربي الوحيد فيه.
- الانضمام إلى مجلس السلام العالمي الذي نشأ على هامش المؤتمر في بولندا.
- تلبية دعوة لحضور حفل تأبين العقيد عدنان المالكي في سوريا في الذكرى الأولى لاغتياله؛ وألقى أبيات شعرية صنفتها حكومة بلاده على أنها معادية لها. وعلى الفور طلب اللجوء السياسي من الدولة السورية.
- وكان محمد مهدي الجواهري يرأس تحرير مجلة “الجندي” التابعة للقوات المسلحة السورية.
- وعاد الجواهري إلى العراق بعد عام ونصف من العمل في سوريا.
شعر محمد مهدي الجواهري
ومن أبرز القصائد والدواوين الشعرية التي قدمها الشاعر محمد مهدي الجواهري في حياته:
- وتعتبر قصيدة “طرطة” من القصائد الساخرة التي تحدث فيها عن الاعتقالات وحملات إغلاق الصحف في بلاده.
- قصيدتان هما “ستالينجراد وسواستبول” أشاد فيهما بالقوات الروسية وإنجازاتها في الحرب العالمية الثانية.
- قصيدة “ربي أشفي فمي” في مدح الملك الحسين بن طلال -رحمه الله- في الأردن في ذكرى ميلاده.
- القصيدة التأبينية “أخي جعفر” التي كتبها إثر مقتل أخيه في انتفاضة الوثبة عام 1948.
- ديوان الجواهري سنة 1935م.
إقرأ أيضاً:
مؤلفات محمد مهدي الجواهري
- أوه، الأرق.
- بريد أجنبي.
- بين العاطفة والشعور.
- جريمة الروس والبريطانيين في إيران.
- “الجواهري والعيون” من قصائده.
- ذكرياتي (3 أجزاء).
وفاة محمد مهدي الجواهري
رأيت جثمان الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري في مقبرة الغرباء في ضواحي السيدة زينب في العاصمة السورية دمشق. وجاء ذلك بعد ثلاثة أيام من وفاته وبقي جثمانه على الحدود العراقية السورية بسبب منع النظام العراقي السابق ورفضه دفنه في الأراضي العراقية. حدثت الوفاة. في الواقع، في اليوم السابع والعشرين من شهر يوليو عام 1997، توفي عن عمر يناهز 97 عامًا.
شاهد أيضاً..