رجل ليبي شجاع، لم تمنعه دبابات الاحتلال الإيطالي الضخمة من الوقوف ولم تخيفه على الإطلاق. وقاوم ببسالة حتى أصبح مصدر رعب لجيوش بأكملها! أسد الصحراء وشيخ المجاهدين الليبيين عمر المختار، الأيقونة الكبيرة ضمن قائمة أشهر المقاومين العرب والمسلمين، استطاع زرع الرعب في قلب القوات الإيطالية الغازية لليبيا. شيخنا الجليل رجل أرعب العدو لكنه أسر قلوب كل الليبيين والعرب والمسلمين. وكيف لا نتغنى بشجاعته وبسالته التي تزخر بالتاريخ والكتب، لذلك يسلط هذا المقال الضوء على معلومات عن حياة المجاهد الشيخ عمر المختار.
عمر المختار أسد الصحراء
الليبي عمر بن مختار بن عمر المنفي الهلالي، ولد في اليوم العشرين من أغسطس سنة 1858م، يحمل لقب أسد الصحراء وشيخ المجاهدين بسبب إنجازاته الكبيرة في مقاومة العدو الإيطالي. بدأ مقاومتها ومواجهتها منذ عام 1911م، تزامناً مع وصول أول إيطالي إلى المنطقة. واستمرت المقاومة والجهاد والقتال أكثر من 20 عاماً، تخللتها معارك كثيرة، ولم تنته إلا باستشهاد الشيخ عمر المختار بعد إعدامه شنقاً أمام الحشود العامة. واستطاع أن ينال الحب والتبجيل. وتعاطف مجموعة كبيرة من أبناء وطنه والعالم منذ تلك اللحظة وحتى استشهاده؛ وكان يبلغ من العمر 73 عامًا في ذلك الوقت.
حياته
- رأى الشيخ المجاهد النور لأول مرة في 20 أغسطس 1858م في قرية جنزور الواقعة في منطقة الجبل الأخضر في برقة بليبيا.
- كان لأسد الصحراء تربية جيدة؛ وقد حرص والده على توفير أفضل تعليم له، بما في ذلك الفقه في الإسلام وأنواع العلوم المختلفة.
- تولى تربية الشيخ المختار شيخ سنوسي معروف باسم “حسين الغرياني” بعد وفاة والده وهو في طريقه إلى الحج.
- واتخذ الغرياني خطوة ضم “عمر” إلى صفوف طلاب مدرسة القرآن الكريم بالزاوية.
- انتقل عمر المختار إلى معهد واحة الجغبوب الذي كان البعثة السنوسية في الأجزاء الشمالية الشرقية من الأراضي الليبية، وواصل دراسة التفسير والفقه والحديث مدة تجاوزت 8 سنوات.
- وكان فريداً من نوعه بين أبناء جيله حيث كان شديد الذكاء وكان يحب ركوب الخيل في الجبال والصحاري الليبية.
- وقد برع وأبدع في ممارسة فنون القتال والمنازعات والقتال البدوي، حيث ساهم ذلك في جعله قادراً على مواجهة القوات الإيطالية ببسالة.
- واتجه نحو تشاد بإفريقيا ليقيم هناك وينشر الدين الإسلامي.
- وفي مواجهة الاحتلال الفرنسي في تشاد، توجه بعد ذلك نحو الصحراء الكبرى وشرق أفريقيا ليكمل مسيرته التبشيرية.
- وقد بنى عمر المختار -رحمه الله- العديد من المساجد في جميع أنحاء أفريقيا ونشر تعاليم الدين الإسلامي.
كفاحه
لقد صور المجاهد الشيخ عمر المختار أسمى معاني التضحية في سبيل الله والوطن. وكان مثالاً للبطولة والبسالة. وفي عام 1908م، دُعي صراحةً للمشاركة في مقاومة القوات البريطانية المتحاربة مع الكتاب السنوسيين داخل الحدود الليبية المصرية. ومن أهم قتاله وجهاده:
- استقطب أكثر من 1000 مقاتل من قبيلته لمواجهة الجيوش الإيطالية التي دخلت الأراضي الليبية في 29 سبتمبر 1911م.
- بدأ القتال مع وصول الإيطاليين إلى منطقة بنغازي الساحلية فوق شمال برقة.
- قاتل ببسالة في معركة السلوي التي اندلعت سنة 1911م، ومن ثم بدأت مراحل الكر والفر.
- اندلعت مناوشات بين الكتيبة التي شكلها الشيخ عمر والقوات الإيطالية عام 1912.
- واستمر القتال والحروب لمدة تزيد عن 20 عاما.
- تحقيق انتصارات كبيرة في العديد من المعارك ضد الجيش الإيطالي، ومن بينها معركة مهمة لم تستمر سوى 48 ساعة.
- وأحضر العديد من الجرحى والقتلى إلى صفوف الجيوش الإيطالية.
- تحقيق النصر الكبير في معركة يوم الرحيبة التي اندلعت في 28 مارس 1927م.
- وعرض الإيطاليون مكافأة مالية قدرها 200 ألف فرنك لمن يقبض على عمر المختار ويسلمه للقوات الإيطالية.
استشهاد عمر المختار
وتمكنت القوات الإيطالية من القبض على الشيخ عمر المختار في 11 سبتمبر 1931م أثناء قيامه باستطلاع المنطقة المحيطة به، وفي الساعة الخامسة من صباح اليوم الخامس عشر من سبتمبر من ذلك العام؛ وأجرت القوات الإيطالية ضده محاكمة صورية جائرة للغاية، إذ كانت المشنقة قد أعدت مسبقاً قبل المحاكمة من أجل البت في مسألة الإعدام.
وفي اليوم السادس عشر من سبتمبر (صباح اليوم التالي للمحاكمة)، تم استدعاء أكثر من 20 ألف ليبي من أهالي المنطقة وكافة أقسام المليشيات والجيش والطيران تمهيداً لبدء تنفيذ الحكم. العقوبة على الشيخ الجليل. ودخل الأسد مكبل اليدين عند الساعة التاسعة صباحا، وكانت الطائرات تجوب سماء المنطقة في وقت متزامن. ومع وصول الشيخ عمر المختار إلى مستوى متدني كخطة لمنع الناس من سماع ما سيقوله المختار إذا ألقى أي خطاب للجمهور، سار نحو المنصة بكل قوة وشجاعة وفخر وعظمة تجاه المشنقة، وصدر عليه الحكم واستشهد في سبيل الله والوطن.
عمر المختار باختصار
- وعرف المختار بصفات أضافت إلى شخصيته رونقاً وعظمة. لقد كان جادًا وحازمًا جدًا وصبورًا.
- قدم أسمى التضحيات وسقى الأرض بدمه، وكان قدوة لشباب ليبيا والعرب عامة.
- وقاوم المختار الجيوش الإيطالية بالسيف فقط، إذ لم يكن يملك أي أسلحة مدمرة على الإطلاق.
- وقد أطلق على جواده اسم “ماندالا”، وكان معروفاً ومتميزاً بين جميع أنواع الخيول في ذلك الوقت.
- إعدام عمر المختار كان وسيلة وخطة إيطالية لغرس الضعف في نفوس المقاتلين الليبيين والتخلص من الحركات المعارضة والقضاء عليهم نهائيا.
شاهد أيضاً..